شارك في الورشة ممثلون عن وزارات الثقافة، والتربية والتعليم العالي، والسياحة، والشؤون الاجتماعية، وعن هيئات ناشطة في مجال حماية التراث غير المادي كاللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو، والمديرية العامة للآثار، والمركز التربوي للبحوث والإنماء، والمحترف اللبناني، ومؤسسات الإمام الصدر، وجمعية فنون متقاطعة – طرابلس، بالإضافة إلى عدد من الجامعات (الجامعة اللبنانية، وجامعة القديس يوسف في بيروت، وجامعة روح القدس الكسليك).
أتت هذه الورشة، التي قام بتنشيطها الخبيران الميسران لدى قسم اليونسكو في شؤون التراث الثقافي غير المادي الدكتورة آني طعمه تابت، والدكتور هاني هياجنه، في إطار برنامج بناء القدرات الذي أطلقه مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت، بهدف تنفيذ اتفاقية عام 2003 لصون التراث الثقافي غير المادي، الذي يشمل التقاليد، أو أشكال التعبير الحية الموروثة مثل التقاليد الشفهية، وفنون الأداء، والممارسات الاجتماعية، والطقوس، والمناسبات الاحتفالية، والمعارف، والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون، والمهارات المرتبطة بإنتاج الصناعات الحرفية التقليدية.
تضمّن الافتتاح كلمات لكل من معالي وزير الثقافة الدكتور محمد داوود داوود، ومدير مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت الدكتور حمد بن سيف الهمامي، والأمينة العامة للجنة الوطنية الدكتورة تالا زين، ومسؤول قطاع الثقافة في مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت المهندس جوزف كريدي، بالإضافة إلى عرض للفنان ناصر مخول الذي عزف على آلات تراثية موسيقية صنعها من أشجار من مناطق لبنانية مختلفة.
وفي كلمته، أشار وزير الثقافة إلى أن الوزارة “تولي اهتمامًا بالغًا لضرورة المحافظة على هذا الإرث الجميل المتوارث من أجيال بعيدة وصونه، وإننا مدعوون كوزارات معنية، ومؤسسات رسمية، وأهلية للتعاون الوثيق، لتفعيل هذه الوثيقة، حماية لإرثنا، واستحداث مؤسسات شعبية في المناطق اللبنانية، تنشط السياحة الثقافية والتراثية، وتخلق فرص عمل جديدة، وتشكل عامل جذب إضافيًا لتعريف أهلنا، والسياح الأجانب بفرادتنا اللبنانية”.
من جهته، قال مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت أن “اعتماد اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي في عام 2003 خطوة حاسمة أخرى في الجهود التي طالما بذلتها اليونسكو من أجل التنوّع الثقافي ردًا على ما يتعرض له التراث الحي غير المادي من تهديدات ناجمة عن عمليات العولمة المعاصرة، والتحولات الاجتماعية التي لم يسبق لها مثيل”. كما شدّد على أن الحفاظ على التراث غير المادي “ليس ضربًا من ضروب الترف، بل هو ضروري من أجل الاستجابة الفعالة للتحديات المعاصرة. وينبغي أن يستغل التعليم النظامي التراث الثقافي غير المادي لجعل التعليم المدرسي أوثق صلة بالطلاب، فيعزز في الوقت ذاته الهوية، والتفاهم، واحترام التنوّع الثقافي”.
بدورها، تطرقت الأمينة العامة للجنة الوطنية لليونسكو في كلمتها إلى أن “أهمية التراث الثقافي غير المادي تكمن في المعارف والمهارات الغنية التي تنقل عبره من جيل إلى آخر. والقيمة الاجتماعية والاقتصادية التي ينطوي عليها نقل هذه المعارف التي تهمّ الأقليات مثلما تهمّ الكتل الاجتماعية الكبيرة، وتهمّ البلدان النامية مثلما تهمّ البلدان المتقدّمة. وعليه، يضمن التراث غير المادي الإحساس بالهوية، والاستمرارية، ويشكل حلقة وصل بين ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا”.
أما مسؤول قطاع الثقافة في مكتب اليونسكو الإقليمي، فقال: “إن التراث غير المادي، شانه شأن الثقافة عمومًا، في تغيّر وتطوّر مستمرين، ويزداد ثراء مع كل جيل جديد. إن الكثير من أشكال التعبير، ومظاهر التراث الثقافي غير المادي باتت مهددة، ومعرضة للخطر جراء العولمة، ونقص الدعم والتقدير. وإذا لم تتوفر له الرعاية المناسبة، فقد يتعرض لخطر الضياع إلى الأبد أو يصبح من الماضي. ولا شك أن الحفاظ على هذا التراث، ونقله إلى الأجيال القادمة أمر يقويه ويبقيه على قيد الحياة، ويسمح له في الوقت ذاته بالتغيّر والتكيّف”.
وتمّ خلال الورشة التدريبية، التي استمرت ثلاثة أيام، تعريف المشاركين باتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي، وبالمفاهيم الأساسية، وبقوائم الجرد والحصر، وبدور المجتمع المدني والجماعات.
وفي الختام، تمّ توزيع شهادات على المشاركين، وقام الفنان براق صبيح، من جمعية فنون متقاطعة، بأداء مشهد مسرحي قصير عن الحكواتي.