نظمت اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو ندوة بعنوان “ذاكرة العالم”، بالتعاون مع مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت، وبرعاية وزير الثقافة الدكتور محمد داوود داوود، وقد مثله مستشاره الدكتور وليد مسلم. جمعت الندوة نخبة من المؤرخين، والمعنيين، والمختصين في مجال التراث الوثائقي من الوزارات، والمكتبات، والمتاحف، والجامعات. وذلك بهدف تسليط الضوء على أهمية التراث الوثائقي، وزيادة الوعي بضرورة تسهيل حفظه، وإتاحة الوصول إليه. كما هدفت الندوة إلى التعريف بتوصية (2015)، وآثارها على الدول الأعضاء.
وألقت الأمينة العامة للجنة الدكتورة تالا زين كلمة فقالت “في معرض زيارتنا لتركيا والزميلة العزيزة رمزة جابر سعد في اجتماع الدول أعضاء المكتب التنفيذي لمنظمة اليونسكو، خصص يوم لزيارة المعالم الأثرية والتاريخية، فهمست لي الزميلة في زيارتنا لباسيليكا سيسترن أن التاريخ قد صنع ما صنع وأن الحضارات قد أثمرت نتاجها، أما نحن اليوم فنعيش على عزها ولن نترك شيئًا إضافيًا لأبنائنا. هذا الكلام على صحته مؤلم ومحفز للعمل على صون ما تركه التاريخ والحضارات من تراث مادي وغير مادي، ووثائقي انساني، وحمايته من الاندثار، ولتفادي فقدان الذاكرة الجماعية للثقافات والحضارات”.
وأضافت “بما ان اللجنة مؤتمنة على رسالة منظمة اليونسكو وعلى تطبيق برامجها، شكلت لجنة وطنية لـ”ذاكرة العالم” ضمت عددًا من المتخصصين في هذا المجال في العام 2003، وشاركت في العمل على تسجيل الأبجدية الفينيقية والنصب التذكارية المنقوشة عند مصب نهر الكلب على السجل الدولي، فكان ذلك في العام 2005، مع اعترافها بأن نشاط هذه اللجنة خجول بل معدوم حاليًا لأن الاقتصاد هو محط اهتمام العالم ولحاجتنا إلى المتخصصين المؤمنين بقضية الحفاظ على التراث الوثائقي وامكان توظيف الثورة الرقمية والتكنولوجيا لصون هذا التراث وحفظه من الاندثار الذي تكون نتائجه فقدان الهوية”.
وتلتها اختصاصية برنامج العلوم الاجتماعية والانسانية في مكتب اليونسكو الاقليمي – بيروت الدكتورة سايكو سوجيتا بكلمة قالت فيها “إنه لمن دواعي سروري أن أرحب بكم في مكتب اليونسكو في بيروت لحضور هذا المؤتمر حول برنامج اليونسكو لـ”ذاكرة العالم” الذي أنشئ عام 1992 لضمان الحفاظ على التراث الوثائقي العالمي وحمايته والوصول إليه دائمًا”.
وأضافت “نجح البرنامج في تعزيز الرؤية والوصول إلى التراث الوثائقي المعترف به على أساس معايير الاختيار المحددة، ليكون ذا أهمية عالمية وقيمة عالمية بارزة. لقد أتاحت الثورة الرقمية فرصًا جديدة ولكن أيضًا تحديات كبيرة للوصول إلى المعرفة والخبرات الإنسانية والحفاظ عليها”.
وألقى الدكتور مسلم كلمة الوزير داوود، جاء فيها “قد يكون التراث مصطلحًا يعجز العقل من أن يحيط بثرائه، لكنه يفقه وجوه دلالاته في ذاكرة الشعوب. انه فكر الجماعة وأفعالها، نجاحاتها واخفاقاتها، سجل وجودها الحي وصانع هويتها، ومشكل بناها المعرفية والثقافية”.
ولفت إلى أن “التراث هو تجارب الشعوب في الأزمنة الغابرة، الحاضرة أبدًا في حاضرنا والمشاركة في تصوير مستقبلنا وصوغ مبانيه الحضارية المواكبة للراهن والمستجد”، مؤكدًا أن “الشعوب التي تهمل تراثها تسير نحو إفقار ذاكرتها وخسارة هويتها، وتعرض وجودها لأخطار الانحلال وعوامل الزوال”.
وتضمنت الندوة عرضًا تعريفيًا حول التراث الوثائقي، وبرنامج ذاكرة العالم، والسجل الدولي قدّمه السيد جورج عواد، مسؤول برامج الإتصال والمعلومات في مكتب اليونسكو، فيما قدمت الأمينة العامة المساعدة في اللجنة الوطنية اللبنانية السيدة رمزة جابر سعد عرضًا حول دور اللجان، وأنواعها، ومهامها. كذلك تحدّثت الدكتورة حسانة محي الدين، من الجامعة اللبنانية وجامعة بيروت العربية، عن التراث الوثائقي في لبنان الواقع وعقبات الرصد، والسيدة ليلى الحسن من مؤسسة المحفوظات الوطنية، عن التراث الوثائقي الوطني: آليات الحفظ والصون. أما السيدة رندة الشدياق من جامعة الروح القدس الكسليك، فقدمت عرضًا حول الشراكة بين المكتبات والمتاحف ومراكز التوثيق.
اختتمت الندوة بجملة توصيات أبرزها ضرورة العمل على تعزيز برنامج ذاكرة العالم عبر إعادة تشكيل لجنة وطنية للبرنامج تتولى تعزيز الوعي بأهمية التراث الوثائقي عبر خطة إعلامية محددة وبالتعاون مع الشركاء الوطنيين المعنيين، وإقامة أنشطة وطنية تعزز ثقافة التراث الوثائقي والرقمي، وتعزيز التعاون والتشبيك ما بين القطاعين العام والخاص في مجال التعريف بالتراث الوثائقي وحفظه، ومتابعة البحث عن مجموعات وثائقية يمكن ترشيحها للسجل الدولي لبرنامج ذاكرة العالم، والمباشرة بإعداد سجل وطني جامع للتراث الوثائقي والسعي إلى صونه وحمايته من الاندثار، ومتابعة السعي مع الدول العربية لإنشاء لجنة عربية لبرنامج ذاكرة العالم.
